يُعدّ برنامج تطوير المدارس أحد المشاريع التطويرية الوطنية الطموحة الذي يقوم بتنفيذه مشروع الملك عبدالله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام "تطوير"، يهدف إلى الارتقاء بجميع مدارس التعليم العام في المملكة العربية السعودية؛ كي تكون مدارس ملائمة لمتطلبات الحياة في القرن الحادي والعشرين، قادرة على إعداد النشء والشباب لمستقبل مشرق ومتميز. حيث يعمل هذا البرنامج على مساعدة المدارس للقيام بدورها في تزويد الأجيال بجميع المعارف والمهارات وإكسابهم الاتجاهات الإيجابية بكل مهنية واحتراف، ليتحقق في أبنائنا المواطنة الصادقة، والرفع من فاعليتهم في القدرة على التعامل مع المتغيرات المحلية والعالمية ؛ بغرض الإسهام في التطور المتسارع الذي تعيشه المملكة، وتحقيقا للمشاركة الإيجابية في معادلة التنمية على كافة الأصعدة .
ويأتي هذا البرنامج كأحد البرامج الرئيسة في الخطة الإستراتيجية التي وضعت المدرسة منطلقاً في بنائها للتحول من النمط التقليدي المقتصر على التعليم إلى مؤسسة تربوية متعلمة تهيئ بيئة للتعلم يسود فيها ثقافة التعاون والدعم المهني المبني على خبرات تربوية عملية ، وتشجع على المبادرات التربوية النوعية بين منسوبيها سواء كانوا قيادات ، أو معلمين، أو طلاب. وهي بهذا تمثل وحدة التطوير في إحداث تغييرات إيجابية في داخلها وبيئتها من خلال تفعيل الطاقات الكامنة فيها . وهو ما تم تسميته بأنموذج تطوير المدرسة.
وتشتمل المدرسة على كفاءات بشرية مؤهلة تأهيلاً عالياً في مجالاتهم يمتلكون مجموعة من المهارات والممارسات النوعية التي تسهم في تأهيل الطلاب كي يكونوا مواطنين صالحين مشاركين في عملية التنمية بإيجابية ومتمكنين من التعامل بوعي مع المتغيرات العالمية ومعطيات العصر لما فيه مصلحتهم ومصلحة وطنهم ومصلحة الإنسانية .
أهداف أنموذج تطوير المدرسة :
غاية أنموذج تطوير المدرسة هو تهيئة بيئة تربوية مناسبة بمكوناتها البشرية والمادية والمعنوية لبناء شخصية الطالب بأبعادها المختلفة : أكاديمياً ، روحياً ، وعقلياً ، واجتماعياً، ونفسياً ، وبدنياً.
وبصورة أكثر تحديداً ، يتوقع أن تكون مخرجات المدرسة متمثلة في بناء :
1. طالب يتحلى بالقيم الإسلامية معرفة وسلوكاً داخل المدرسة وخارجها.
2. طالب منتج للمعرفة ، قادر على التعلم مدى الحياة .
3. طالب يمتلك مهارات حياتية ، ويتفاعل بوعي مع معطياتها.
4. طالب يحقق مستويات تحصيلية وأدائية عالية.
مبادئ أنموذج تطوير المدرسة :
يقوم أنموذج تطوير المدرسة المتعلمة على مجموعة من المبادئ تتمثل في أن:
1- التفوق للجميع : ترتكز المدرسة على مبدأ أن كل طالب يستحق أن يتفوق ، وأن يصل إلى أقصى قدراته . كما أن كل معلم يستحق أن يتميز وأن يرتقى بمهنيته كي يؤدي دوره في المدرسة بإتقان.
2- الالتزام من الجميع : ترتكز المدرسة على مبدأ أن جميع منسوبي المدرسة ملتزمون بقيم المدرسة ، ومؤمنون برسالتها ، ومخلصون في تحقيق أهدافها ، ومتبعون لسياساتها وأنظمتها.
3- المحاسبية للجميع : ترتكز المدرسة على مبدأ أن كل عنصر في المدرسة مسؤول عن أدائه ، وأن المدرسة توظف بصورة تربوية التعزيز بنوعيه (الإيجابي والسلبي) وفق نوعية الأداء لجميع منسوبي المدرسة.
4- المهنية من الجميع : ترتكز المدرسة على مبدأ أن الممارسات من منسوبي المدرسة هي ممارسات تنبثق من معرفة تربوية موثوقة ، وأن الممارسات والقرارات تستند إلى أطر مرجعية علمية.
5- الشفافية والوضوح من قبل الجميع : ترتكز المدرسة على مبدأ الشفافية والوضوح في إظهار النتائج والمستويات التحصيلية ، وعرض السلبيات والإيجابيات في أداء المدرسة لذوي العلاقة.
خصائص أنموذج تطوير المدرسة :
• المدرسة تتطور مهنياً من الداخل وتتلقى مساعدة مهنية محدودة من الخبراء.
• المدرسة تتعاون مهنياً وتتشارك في الخبرة مع شبكة من المدارس.
• ترى أن نجاحها في ارتفاع مستوى تحصيل كل متعلم واكتسابه المهارات والاتجاهات الإيجابية.
• يقضي مدير المدرسة معظم وقته في تطوير عمليات التعليم والتعلم.
• المعلمون خبراء يساعدون بعضهم البعض مهنياً.
• توظف مصادر متعددة في عملية التعلم من كتاب مدرسي ، ومواقع إلكترونية وصحف ولقاءات.
• توظف طرائق تدريس متنوعة تشجع على التعلم النشط .
• المتعلم إيجابي ويبحث عن المعرفة ويشارك في إنتاجها.
• للمتعلم دور إيجابي في معالجة مشكلاته .
• توظف المدرسة طرائق واستراتيجيات متنوعة للتعاون مع أولياء الأمور.
• منفتحة على المجتمع تستشعر دورها ومسؤوليتها الاجتماعية.
• تمارس التقويم الذاتي وفق أساليب متنوعة وحديثة .
مكونات أنموذج تطوير المدرسة ..
تتمثل مكونات أنموذج تطوير المدرسة المتعلمة في الآتي :
1) المنهج : يتصف المنهج في أنه أداة مخططة مرنة تمكن الطلاب من توظيف المعرفة وبنائها، فالمنهج وضع في مقدمة مكونات أنموذج تطوير المدرسة على اعتبار أنه وعاء للخبرات وقائد لجميع عمليات التعليم والتعلم. فتتسم خبرات المنهج في ترسيخ قيمنا التي حث عليها ديننا الإسلامي وبما ينسجم مع دورنا في العالم كمهبط للوحي وموئل الحرمين، والعمل على تعزيز روح المواطنة والإحساس بالانتماء والولاء لهذا الوطن وقيادته. وفي ذات الوقت يرسخ سمو قيمنا وعاداتنا وتسامحنا ورغبتنا في الحوار المتكافئ والمستوعب لقيم الآخرين ورؤاهم، كما يقدم المفاهيم الحديثة والمهارات النوعية التي تقود الطلاب إلى ممارسة التفكير بأنواعه المختلفة.
2) التدريس : يعتمد التدريس في أنموذج تطوير المدرسة على وجود علاقة أساسية بينه وبين التعلم لدى المتعلم، فهي علاقة معقدة وليست طردية كمية. فلا يعني أن مزيد من التدريس يؤدي إلى مزيد من التعلم. بل إن المؤثر هو نوعية التدريس وتنوع طرائقه واستراتيجياته وارتباطه بأهداف التعلم، والتدريس في أنموذج تطوير المدرسة لا يرتبط بالمحتوى المعرفي و المهاري؛بل يتجاوز ذلك إلى مهارات يتعلمها المتعلم من خلال طبيعة التدريس واستراتيجياته كمهارات الاتصال والحوار والعمل في الفريق وبناء الثقة وتحقيق الذات وإشعار الطلاب بالأمان وعدم الخوف من الخطأ وتقبل نقد الآخرين.
3) التقويم : يمثل التقويم في أنموذج تطوير المدرسة أهمية وظيفية خاصة من كونه الكاشف للموقع الحالي لجميع العناصر في البيئة المدرسية سواء كانت عناصر بشرية أو مادية، وتحديد ماذا يمكن أن يقدم في كل مكون من مكونات تلك البيئة. ويأتي المتعلم في مركز عمليات التقويم للكشف عما تم تعلمه من أجل البدء بأهداف تعليمية أخرى، أو مراجعة آليات التعليم والتعلم فيما لو لم تحقق الأهداف. إن التقويم ليس نهاية بحد ذاته بقدر ما هو مؤثر على ما يليه من قرارات فهو مدمج في عمليات التعليم والتعلم، يتنوع في استخدام أدواته وطرقه.
4) مصادر التعلم : توفر مصادر التعليم والتعلم في أنموذج تطوير المدرسة دعماً لكل من المعلم والمتعلم في أداء مهامهم وواجباتهم بكفاءة أكبر وبطرق تتجاوز الأطر التقليدية، وهي لا تقتصر على الكتاب المدرسي بل هناك مجموعة من الأوعية الذي يتعامل معها المعلم ويوظفها بصورة ذكية وتقدم كنظام مدمج في المنهج والتعليم والتعلم والتقويم وليس كأدوات منفصلة.
5) الإرشاد المدرسي : يقوم الإرشاد بدور رئيس في العمليات التعليمية والتربوية بغرض تحقيق أقصى قدر من فعالية التعلم من خلال تحديد احتياجات الطلاب وبناء خططهم التعلمية ومساعدتهم في معرفة جوانب قوتهم وضعفهم ورسم خياراتهم المستقبلية في ضوء استعداداتهم وطموحاتهم كما يركز الإرشاد على بناء شخصية المتعلم المتكاملة من جانب الاهتمام بمدى التقدم المعرفي وسيتم التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية وبناء وتحقيق الذات والتواصل مع الآخرين كل من خلال تقديم إرشادٍ مستمر متمايز حسب احتياجاتهم الشخصية والتعلمية.
6) الأسرة والمجتمع : يعمل أنموذج تطوير المدرسة على إقامة شراكة حقيقية مع الأسرة والمجتمع، إذ يتوقف نجاح المدرسة في أداء أدوارها المختلفة على إقامة روابط قوية مع الأسرة؛ فالأسرة لديها معلومات وخبرات تؤثر في أداء المتعلم داخل المدرسة، كما أن لدى المدرسة معلومات تؤثر في أدائه وسلوكه داخل الأسرة، وبالتالي فالتكامل بينهما يحقق النمو المتكامل للمتعلم. فالتعاون ضرورة لتحقيق الأهداف التعليمية الخاصة، فأي تغيير تريد المدرسة إحداثه في سلوك المتعلم لابد أن يصحب بوعي الأسرة لذلك التغيير لتدعيمه وتعزيزه. كما أن مشاركة المدرسة للمجتمع يساعد الطلاب على تطبيق ما تعلموه في المجتمع، ويجعلهم أكثر إيجابية وتفاعل معه، فمن شأن ذلك أن يرفع مستوى الوعي لدى الطلاب ويشعرهم بمسؤولياتهم
مرتكزات أنموذج تطوير المدرسة :
1) كفاءة عالية في القيادة
تقاد المدرسة بعناصر قيادية مؤهلة ذات كفاءة عالية، تعتمد على التخطيط السليم المبني على معطيات صحيحة وحل المشكلات والتكيف مع الظروف المتغيرة للبيئة المحيطة، وتقوم على التعاون والتنسيق والمسؤولية المشتركة بين جميع منسوبي المدرسة.
2) كفاءة عالية في مهارات التدريس
ترتكز المدرسة على طاقم تعليمي حيوي يمتلك المعرفة والمهارة التربوية المتقدمة، ويركز على النتائج من خلال التعلم النشط وربط المعرفة بالحياة اليومية للطلاب ودعم جوانب التفكير المختلفة وحل المشكلات.
3) أنظمة وقوانين مدرسية تخدم تحقيق مخرجات التعليم المتوقعة.
تؤدي المدرسة مهامها في إطار شامل ومتكامل من السياسات والقوانين التي تنظم أداء الأدوار وتحدد المسؤوليات بين منسوبي المدرسة كي تحقق الأهداف المرجوة.
4) منظومة للجودة النوعية والحوافز والتقويم والمحاسبية ذات كفاءة عالية تتبنى المدرسة منظومة لضبط الجودة بهدف متابعة الأداء وتقويمه وتحديد نقاط الضعف والقوة وتقديم خطط التحسين وتحديد أولويات التنفيذ، تتضمن معايير قياس أداء المدرسة، كما تؤدي هذه المنظومة دورا في التحفيز كي تلبي حاجات منسوبي المدرسة وتستثير دافعيتهم وحماسهم، كما ترتكز المنظومة على عمليات تقويمية شاملة.
5) زيادة فرص التعلم داخل وخارج المدرسة وتوفير مصادر ثرية للتعلم في أوعية متعددة تتبنى المدرسة نظام تعليمي تعلمي يرتكز على تشجيع الطلاب على التعلم النشط بتوظيف مصادر متنوعة. المصادر المعرفية تتسم بالموثوقية والأمن الفكري، وتستثمر جميع الإمكانات التقنية والتطبيقات العملية الواقعية.